کد مطلب:145665 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:168

خطبة زینب عند دخولها الکوفة
و فی «الاحتجاج»: عن جذلم بن بشیر الأسدی [1] قال: لما أتی علی بن الحسین زین العابدین علیهماالسلام بالنسوة من كربلاء، و كان مریضا و اذا نساء أهل الكوفة [ینتدبن] مشققات الجیوب، و الرجال معهن یبكون.

فقال زین العابدین علیه السلام بصوت ضئیل [و] قد نهكته العلة: ان هؤلاء یبكون علینا، فمن قتلنا غیرهم؟

فأومت زینب بنت علی بن أبی طالب علیه السلام الی الناس بالسكوت.

قال حذام الأسدی: لم أر والله؛ خفرة قط أنطق منها، كأنما تنطق و تفرغ علی لسان أمیرالمؤمنین علیه السلام، و قد أشارت الی الناس أن أنصتوا، فارتدت الأنفاص و سكنت الأجراس.

ثم قالت بعد حمد الله و الصلاة علی رسوله صلی الله علیه و آله و سلم:

أما بعد؛ یا أهل الكوفة! یا أهل الختر و الغدر و الختل [2] و المكر! ألا فلا رقأت العبرة، و لا هدأت الزفرة، انما مثلكم كمثل التی نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، تتخذون أیمانكم دخلا بینكم.

ألا و هل فیكم الا الصلف و العجب، و الشنف [3] و الكذب، و ملق الاماء و غمز


الأعداء، أو كمرعی علی دمنة [4] ، أو كفضة علی ملحودة؟

ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله علیكم و فی العذاب أنتم خالدون.

أتبكون أخی! أجل والله؛ فابكوا، فانكم والله؛ أحریاء بالبكاء، فابكوا كثیرا و اضحكوا قلیلا، فقد بلیتم بعارها، و منیتم بشنارها [5] ، و لن ترحضوها [6] أبدا، و أنی ترحضون قتل سلیل خاتم النبوة، و معدن الرسالة، و سید شباب أهل الجنة، و ملاذ حربكم، و معاذ حزبكم، و مقر سلمكم، و آسی كلمكم، و مفزغ نازلتكم، و المرجع الیه عند مقالتكم، و مدرة محججكم، و منار حجتكم؟!

ألا ساء ما قدمتم لأنفسكم [7] ، و ساء ما تزرون لیوم بعثكم، فتعسا تعسا و نكسا نكسا، و لقد خاب السعی، و تبت الأیدی، و خسرت الصفقة، و بؤتم بغضب من الله و ضربت علیكم الذلة و المسكنة.

أتدرون ویلكم! أی كبد لمحمد صلی الله علیه و آله و سلم فریتم [8] ؟

و أی عهد نكثتم؟

و أی كریمة له أبرزتم؟

و أی حرمة له هتكتم؟


و أی دم سفكتم؟

لقد جئتم شیئا ادا، تكاد السماوات یتفطرن منه، و تنشق الأرض، و تخر الجبال هدا، لقد جئتم بها شوهآء [صلعاء، عنقاء، سوداء، فقماء] [9] خرقاء، طلاع الأرض [10] و [مل ء] [11] السماء.

أفعجبتم أن قطرت السماء دما؟ و لعذاب الاخرة أخزی، و هم لا ینصرون، فلا یستخفنكم المهل، فانه عزوجل لا یخفزه البدار، و لا یخشی علیه فوت النار، كلا ان ربك لنا و لهم لبالمرصاد.

ثم أنشأت تقول:



ماذا تقولون اذ قال النبی لكم

ماذا صنعتم و أنتم آخر الأمم؟



بأهل بیتی و أولادی و مكرمتی [12] .

منهم اساری و منهم ضرجوا بدم؟



ما كان هذا [13] جزائی اذ نصحت لكم

أن تخلفونی بسوء فی ذوی رحم



انی لأخشی علیكم أن یحل بكم

مثل العذاب الذی أودی علی ارم



ثم ولت عنهم.

قال حزام: فرأیت الناس حیاری قد ردوا أیدیهم فی أفواهم، فالتفت الی شیخ الی جانبی یبكی، و قد اخضلت لحیته بالبكاء، و یده مرفوعة الی السماء و هو یقول: بأبی [و امی]! كهولكم خیر الكهول، و شبابكم خیر شباب، و نسلكم


خیر نسل، و فضلكم [14] فضل عظیم، ثم أنشد یقول:



كهولكم خیر الكهول و نسلهم

اذا عد نسل لا یبور و لا یخزی



فقال علی بن الحسین علیه السلام:

یا عمة! اسكتی ففی الباقی عن الماضی اعتبار، و أنت بحمد الله عالمة غیر معلمة، فهمة غیر مفهمة، ان البكاء والحزن لا یردان من قد أباده الدهر.

فسكتت، ثم نزل علیه السلام و ضرب فسطاطه و أنزل نساءه، و دخل الفسطاط [15] .


[1] حذام، خ ل، و في كتاب «الاحتجاج» عن حذام، و كتب فوق الحذام، حذلم، خ ل «منه رحمه الله» و الظاهر أن الصواب: حذيم، كما في الاحتجاج و البحار، وعده الشيخ رحمه الله في رجاله: (88) من أصحاب الامام السجاد عليه السلام.

[2] الختل: الخداع.

[3] البغض بغير حق.

[4] الدمنة: المزبلة.

[5] الشنار - بالفتح - أقبح العيب و العار، «منه رحمه الله».

[6] رحضه: غسله، «منه رحمه الله».

[7] في المصدر و البحار: قدمت لكم أنفسكم.

[8] فراه: شقه، «منه رحمه الله».

[9] من المصدر و البحار.

[10] طلاع الأرض: مل ءها.

[11] من المصدر.

[12] مكرمة - بالضم -: واحدة المكارم، و يحتمل أن يكون بصيفه اسم المفعول، أي: ذرية و أولاد مكرمة، «منه رحمه الله».

[13] في المصدر و البحار: ذاك.

[14] في المصدر و البحار: كهولهم... و شبابهم. - و نسلهم نسل كريم، و فضلهم.

[15] الاحتجاج: 31 - 29 / 2، عنه البحار: 164 - 162 / 45، مع اختلاف يسير.